الامطار الحمضية


تتفاعل أكاسيد الكبريت والنتروجين المنبعثة من مصادر مختلفة مع بخار الماء في الجو لتتحول الى أحماض ومركبات حمضية ذائبة تبقى معلقة في الهواء حتى تتساقط مع مياه الأمطار مكونه ما يعرف بالأمطار الحمضية. وفي بعض المناطق التي لا تسقط فيها الأمطار تلتصق هذه المركبات الحمضية على سطح الأتربة العالقة في الهواء وتتساقط معها فيما يعرف بالترسيب الحمضي الجاف. وأحيانا يطلق تعبير (الترسيب الحمضي) على كل من الأمطار الحمضية وعلى الترسيب الجاف. ونظراً لأن ملوثات الهواء قد تنتقل بفعل الرياح إلى مسافات بعيدة وقد تعبر الحدود الوطنية إلى دول أخرى.

أصبحت ظاهرة الأمطار الحمضية ظاهرة بيئية إقليمية ودولية خاصة في أوروبا وشمال أمريكا وقد ثبت من رصد كيمياء الأمطار في مناطق واسعة من أمريكا الشمالية وأوروبا أن حمضيتها تصل إلى حوالي10 أضعاف المستوى العادي. ولا تعتبرالأمطار الحمضية مشكلة في مناطق أخرى في العالم في الوقت الحالي بيد أن هناك دلائل على أن مناطق استوائية معينة مثل جنوب شرقي البرازيل وجنوبي الصين وجنوب غربي الهند وزامبيا قد تواجه في المستقبل مشاكل تتعلق بالأمطار الحمضية إذا ما استمرت الاتجاهات الحالية للتحضر والتصنيع حتى القرن الحادي و العشرين .

طالع أيضا : 360 Angles منصة الاستبيانات الإلكترونية المتميزة

وبالرغم من ان الأمطار الحمضية ليست مشكلة في مصر أو في الدول العربية (لندرة الأمطار) إلا أن الترسيب الحمضي الجاف يكون مشكلة آخذة في الازدياد بزيادة تركيزات أكاسيد الكبريت والنيتروجين في الهواء. كما أن الضباب الحمضي الذي يتكون في الصباح الباكر في بعض دول الخليج العربي أصبح يشكل ظاهرة ملموسة.


والتفاعلات التي تحدث في الهواء لتكوين الأمطار الحمضية غير مفهومة بالكامل. وبعض هذه التفاعلات لا تقتصر فقط على أكاسيد الكبريت والنيتروجين وانما تحدث أيضاً عملية غسيل لملوثات أخرى مختلفة في مياه الأمطار (وجدت في مياه الأمطار في بعض المناطق في أمريكا تركيزات مرتفعة من المبيدات والمركبات السلفونية والفلزات الثقيلة). من ناحية أخرى وجد في مناطق كثيرة خاصة تلك المتاخمة للمناطق الصناعية ان الضباب (اوشبوره الصباح) لها خواص حمضية واضحة نتيجة تكوين رذاذ من المركبات الحمضية فيه

  • مخاطر الامطار الحمضية

ولهذه الأمطار الحمضية (أو الترسيب الحمضي) آثارسيئة. فلقد تأثرت البحيرات في أجزاء من المنطقة الاسكندنافية وشمال شرقي الولايات المتحدة وجنوب شرقي كندا بالأمطار الحمضية بدرجات متفاوتة وفقدت بحيرات كثيرة (ولا سيما في السويد والنرويج) مواردها السمكية، أما جزئياً أو كلياً. كما تسببت الأمطار الحمضية في إذابة بعض الفلزات والمركبات من رواسب البحيرات مما أدى إلى ارتفاع نسبتها في المياه وأضرارها بنوعية المياه والأحياء المائية. وقد أدت الأمطار الحمضية وملوثات الهواء الآخرى إلى تدهور حالة الغابات خاصة في أوروبا وقدرت المساحه التي أصابتها الأضرار بحوالي 50 مليون هكتار من إجمال مساحة الغابات، التي قدرت بحوالي 141 مليون هكتار .


وتمتد الآثار الضارة للأمطار الحمضية الى المدن، ويمكن مشاهدة هذه الآثارفي كثير من العواصم الأوروبية . ففي لندن يلاحظ تفتت بعض أحجار برج لندن، وكنيسة (وستمنستر ابي) كما يشاهد ذلك بشكل أوضح في كنيسة (سانت ببول) فقد بلغ عمق التآكل في بعض أحجارها الجيريه بضعة سنتمترات نتيجة التفاعل بين هذه الأحجار وغاز ثاني أكسيد الكبريت والأمطار الحمضية التي تسقط على المدن من حين لآخر.
  • مواجهة الامطار الحمضية والتقليل من خطورتها


 فكرت بعض الدول في الستينات وبداية السبعينات في التخلص من مشكلات التلوث بأكاسيد الكبريت والأمطار الحمضية بزيادة ارتفاع مداخن

مصانع ومحطات توليد الكهرباء بحيث يمكن إطلاق غازاتها على ارتفاع كبير فوق السحب.

وقد طبقت هذه الاستراتيجية في كندا والولايات المتحدة وانجلترا وبعض الدول الأوروبية الأخرى ولكن هذه الاستراتيجيه لم تنجح في خفض كميات الأمطار الحمضية وكل ما فعلته هذه المداخن العالية أنها دفعت بالغازات الحمضية إلى منطق أعلى في الجو،وبالتالي أدت إلى سقوط الأمطار الحمضية فوق مناطق أكثر بعداً من ذي قبل، ولقد أدى هذا الى النزاع الذي نشأ - خاصة بين دول شمال غربي أوروبا وانجلترا - فيما عرف بنزاع المداخنالعالية في بداية السبعينات . فلقد وجد أن أكثر من 70% من أ كاسيد الكبريت التي ترسبت في صورة أمطار حمضية على السويد والنرويج والدنمرك كان مصدرها المداخن العالية في انجلترا والمانيا وغيرها.

ولهذا السبب نجد أن الدول الاسكندنافية هي الدول التي تزعمت وضع مشكلة الأمطار الحمضية على جدول أعمال مؤتمر استوكهولم عام 1972، وهي الدول الدافعة لبرامج التعاون للحد من الأمطار الحمضية.

ولقد أثمرت هذه الجهود عن توقيع الاتفاقية الأوروبية بشأن تلوث الهواء طويل المدى العابر للحدود في عام 1979 وفي عام 1987بدأ تنفيذ بروتوكول اتفاقية التحكم في انبعاثات أكاسيد الكبريت حيث قضى بخفض معدلات انبعاث ثاني أكسيد الكبريت بحوالي30% على الأقل عن مستويات عام 1980 بحلول عام 1993، وفي عام 1988 وقع بروتوكول التحكم في انبعاثات أكاسيد النيتروجين. ولقد تبنت بعض البلدان الأوروبية التزامات ابعد مما يدعو إليه البروتوكولان. فقد تعهدت 9 بلدان على الأقل بتخفيض مستويات ثاني أكسيد الكبريت إلى أقل من نصف مستويات عام1980 بحلول عام 1995.


شارك المقالة
أضف تعليق
أدمن

ما هي الأمطار الحمضية ؟

27‏/7‏/2019